سم الله الرحمن الرحيم
الظاهر الباطن
هذان الوصفان أيضا من المضافات فإن الظاهر يكون ظاهرا لشيء وباطنا لشيء ولا يكون من وجه واحد ظاهرا وباطنا بل يكون ظاهرا من وجه بالإضافة إلى إدراك وباطنا من وجه آخر فإن الظهور والبطون إنما يكون بالإضافة إلى الإدراكات والله سبحانه وتعالى باطن إن طلب من إدراك الحواس وخزانة الخيال ظاهر إن طلب من خزانةالعقل بطريق الاستدلال فإن قلت أما كونه باطنا بالإضافة إلى إدراك الحواس فظاهر وأما كونه ظاهرا للعقل فغامض إذ الظاهر ما لا يتمارى فيه ولا يختلف الناس في إدراكه وهذا مما قد وقع فيه الريب الكثير للخلق فكيف يكون ظاهرا فاعلم أنه إنما خفي مع ظهوره لشدة ظهوره فظهوره سبب بطونه ونوره هو حجاب نوره وكل ما جاوز حده انعكس على ضده
ولعلك تتعجب من هذا الكلام وتستبعده ولا تفهمه إلا بمثال
فأقول لو نظرت إلى كلمة واحدة كتبها كاتب لاستدللت بها على كون الكاتب عالما قادرا سميعا بصيرا واستفدت منه اليقين بوجود هذه الصفات بل لو رأيت كلمة مكتوبة لحصل لك يقين قاطع بوجود كاتب لها عالم قادر سميع بصير حي ولم يدل عليه إلا صورة كلمة واحدة وكما تشهد هذه الكلمة شهادة قاطعة بصفات الكاتب فما من ذرة في السموات والأرض من فلك وكوكب وشمس وقمر وحيوان ونبات وصفة وموصوف إلا وهي شاهدة على نفسها بالحاجة إلى مدبر دبرها وقدرها وخصصها بخصوص صفاتها بل لا ينظر الإنسان إلى عضو من أعضاء نفسه وجزء من أجزائه ظاهرا وباطنا بل إلى صفة من صفاته وحالة من حالاته التي تجري عليه قهرا بغير اختياره إلا ويراها ناطقة بالشهادة لخالقها وقاهرها ومدبرها وكذلك كل ما يدركه بجميع حواسه في ذاته وخارجا من ذاته
ولو كانت الأشياء مختلفة في الشهادة يشهد بعضها ولا يشهد بعضها لكان اليقين حاصلا للجميع ولكن لما كثرت الشهادات حتى اتفقت خفيت وغمضت لشدة الظهور ومثاله أن أظهر الأشياء ما يدرك بالحواس وأظهرها ما يدرك بحاسة البصر وأظهر ما يدرك بحاسة البصر نور الشمس المشرق على الأجسام الذي به يظهر كل شيء فما به يظهر كل شيء كيف لا يكون ظاهرا
وقد أشكل ذلك على خلق كثير حتى قالوا الأشياء الملونة ليس فيها إلا ألوانها فقط من سواد وحمرة فأما أن يكون فيها مع اللون ضوء ونور مقارن للون فلا وهؤلاء إنما نبهوا على قيام النور بالمتلونات بالتفرقة التي يدركونها بين الظل وموضع النور وبين الليل والنهار فإن الشمس لما تصور غيبتها بالليل واحتجابها بالأجسام المظلمة بالنهار انقطع أثرها عن المتلونات فأدركت التفرقة بين المتأثر المستضيء بها وبين المظلم المحجوب عنها فعرف وجود النور بعدم النور إذا أضيف حالة العدم إلى حالة الوجود فأدركت التفرقة مع بقاء الألوان في الحالتين ولو أطبق نور الشمس كل الأجسام الظاهرة لشخص ولم تغب الشمس حتى يدرك التفرقة لتعذر عليه معرفة كون النور شيئا موجودا زائدا على الألوان مع أنه أظهر الأشياء بل هو الذي به يظهر جميع الأشياء
ولو تصور لله تعالى وتقدس عدم أو غيبة عن بعض الأمور لانهدت السموات والأرض وكل ما انقطع نوره عنه ولأدركت التفرقة بين الحالتين وعلم وجوده قطعا ولكن لما كانت الأشياء كلها متفقة في الشهادة والأحوال كلها مطردة على نسق واحد كان ذلك سببا لخفائه فسبحان من احتجب عن الخلق بنوره وخفي عليهم بشدة ظهوره فهو الظاهر الذي لا أظهر منه وهو الباطن الذي لا أبطن منه تنبيه
لا تتعجبن من هذا في صفات الله تعالى وتقدس فإن المعنى الذي به الإنسان إنسان ظاهر باطن فإنه ظاهر إن استدل عليه بأفعاله المرتبة المحكمة باطن إن طلب من إدراك الحس فإن الحس إنما يتعلق بظاهر بشرته وليس الإنسان إنسانا بالبشرة المرئية منه بل لو تبدلت تلك البشرة بل سائر أجزائه فهو هو والأجزاء متبدلة ولعل أجزاء كل إنسان بعد كبره غير الأجزاء التي كانت فيه عند صغره فإنها تحللت بطول الزمان وتبدلت بأمثالها بطريق الاغتذاء وهويته لم تتبدل فتلك الهوية باطنة عن الحواس ظاهرة للعقل بطريق الاستدلال عليها بآثارها وأفعالها
البر
هو المحسن والبر المطلق هو الذي منه كل مبرة وإحسان والعبد إنما يكون برا بقدر ما يتعاطاه من البر ولا سيما بوالديه وأستاذه وشيوخه
روي أن موسى عليه السلام لما كلمه ربه رأى رجلا قائما عند ساق العرش فتعجب من علو مكانه فقال يا رب بم بلغ هذا العبد هذا المحل فقال إنه كان لا يحسد عبدا من عبادي على ما آتيته وكان بارا بوالديه هذا بر العبد فأما تفصيل بر الله تعالى وإحسانه إلى خلقه فيطول شرحه وفي بعض ما ذكرناه ما ينبه عليه
التواب
هو الذي يرجع إلى تيسير أسباب التوبة لعباده مرة بعد أخرى بما يظهر لهم من آياته ويسوق إليهم من تنبيهاته ويطلعهم عليه من تخويفاته وتحذيراته حتى إذا اطلعوا بتعريفه على غوائل الذنوب استشعروا الخوف بتخويفه فرجعوا إلى التوبة فرجع إليهم فصل الله تعالى بالقبول تنبيه
من قبل معاذير المجرمين من رعاياه وأصدقائه ومعارفه مرة بعد أخرى فقد تخلق بهذا الخلق وأخذ منه نصيبا .
المقصد الاسنى\الغزالي
إجابات أخرى التصنيف بحسب الوقت التصنيف بحسب التصويت
1
خياليه
17/01/2010 05:34:22 ص الإبلاغ عن إساءة الاستخدام
الظاهر: هو الذي ظهر للعقول بحججه، وبراهين وجوده، وأدلة وجدانيته.
الباطن: هو الذي احتجب عن أبصار الخلائق وأوهامهم فلا يدركه بصر ولا يحيط به وهم
المتعالي: هو المنزه عن صفات الخلق
البر: هو المحسن إلى خلقه، المصلح لأحوالهم
التواب: هو الذي يقبل رجوع عبده إليه
0
معروف
18/01/2010 10:03:21 م الإبلاغ عن إساءة الاستخدام
الظاهر الباطن : الظاهر لغويا بمعنى ظهور الشىء الخفى وبمعنى الغالب ، والله الظاهر لكثرة البراهين الظاهرة والدلائل على وجود إلهيته وثبوت
ربوبيته وصحة وحدانيته ، والباطن سبحانه بمعنى المحتجب عن عيون خلقه ، وأن كنه حقيقته غير معلومة للخلق ، هو الظاهر بنعمته الباطن برحمته ،
الظاهر بالقدرة على كل شىء والباطن العالم بحقيقة كل شىء
ومن دعاء النبى صلى الله عليه وسلم : اللهم رب السموات ورب الأرض ، ورب العرش العظيم ، ربنا رب كل شىء ، فالق الحب و النوى ، منزل التوراة
والإنجيل والقرآن ، أعوذ بك من شر كل دابة أنت أخذ بناصيتها ، اللهم أنت الأول فليس قبلك شىء ، وأنت الآخر فليس بعدك شىء ، وأنت الظاهر فليس
فوقك شىء وأنت الباطن فليس دونك شىء أقض عنا الدين وأغننا من الفقر
الوالـي : الله الوالى هو المالك للأشياء ، المستولى عليها ، فهو المتفرد بتدبيرها أولا ، والمتكفل والمنفذ للتدبير ثانيا ، والقائم عليها بالإدانة والإبقاء ثالثا ،
هو المتولى أمور خلقه بالتدبير والقدرة والفعل ، فهو سبحانهالمالك للأشياء المتكفل بها القائم عليها بالإبقاء والمتفرد بتدبيرها ، المتصرف بمشيئته فيها ،
ويجرى عليهل حكمه ، فلا والى للأمور سواه ، واسم الوالى لم يرد فى القرآن ولكن مجمع عليه
المتعالي : تقول اللغة يتعالى أى يترفع على ، الله المتعالى هو المتناهى فى علو ذاته عن جميع مخلوقاته ، المستغنى بوجوده عن جميع كائناته ، لم يخلق إلا
بمحض الجود ، وتجلى أسمه الودود ، هو الغنى عن عبادة العابدين ، الذى يوصل خيره لجميع العاملين ، وقد ذكر اسم المتعالى فى القرآن مرة واحدة فى سورة
الرعد : ( عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال ) ، وقد جاء فى الحديث الشريف ما يشعر بأستحباب الإكثار من ذكر اسم المتعال فقال : بئس عبد
تخيل واختال ، ونسى الكبير المتعال